والصحابة رضي الله عنهم خرجوا من مكة إلى المدينة لنشر الهداية، وتعليم الدين، ونحن نخرج من بيوتنا وديارنا لطلب الدنيا وإكمال الشهوات، ولا نخرج لنشر الهداية، وإبلاغ الدين، وتعليم أحكامه، فكيف نكون رحمة للعالمين؟.
إن رحمة الله لنا مشروطة برحمة جميع خلق الله.
والمطلوب من المسلم أن يعيش حياته تحت أوامر الله، لا تحت هواه وشهواته، فللدين أوامر، ولجهد الدين أوامر، وكلاهما مطلوب من المسلم، فالصلاة من الدين ولها أوامر، والدعوة إلى الله من الدين ولها أوامر.
فعلى المسلم أن يقوم بالدعوة بكل قوة .. وبكل طاقة .. وفي كل وقت .. لكن مع هذا يدعو الله .. ويستغفر الله .. ويتوكل على الله.
وإذا قامت الدعوة على الأصول الشرعية جاء الإيمان والتقوى، وحسن الخلق، ونزلت الهداية والرحمة على الأمة.
والله عزَّ وجلَّ أعطانا الاستعداد الكامل للقيام بالدعوة والعبادة كما جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أكثر المسلمين ترك الدعوة إلى الله؛ لأنه صار قانعاً بالعمل الصالح.
ونشر الدين .. ونصرة الدين .. وإظهار الدين .. وحفظ الدين .. كل ذلك بيد الله وحده، لكن نحن مأمورون بالدعوة والجهد للدين.
فالعابد فقط ميدانه نفسه .. والداعي ميدانه كل الناس .. والبحر لا يقارن بالقطرة، والجبل لا يقارن بالذرة، والشمس لا تقارن بالشمعة.
ومن العجب أننا نقطع صلاة الفريضة لإنقاذ نفس من السقوط في حفرة أو بحر أو نار، وهذا واجب، لكننا تركنا ما هو أعظم منه، وهو ترك ملايين البشر يتردون في أودية الكفر والفسوق والعصيان في كل لحظة، ويذهبون إلى نار جهنم بعد موتهم.
والصحابة لما قدموا جهد الدين على جهد الدنيا جاءت المنافع والبركات