والفتوحات، ونزلت الهدايات، ونحن لما قدمنا جهد الدنيا على جهد الدين جاءت إلينا الذلة، وحلت بنا المصائب، وانتشرت فينا المعاصي.
ولحل مشاكل الأمة يجب علينا سؤال القرآن والحديث لنأخذ العلاج منهما، لكن المصيبة أن الذي بيده كل شيء أكثر الناس معرضون عنه، غير مستعدين للتعامل معه، وطاعة أوامره: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)} [الانشقاق: ٢٠، ٢١].
إن الأمة إذا لم تسلك طريق الأنبياء والمرسلين لم يبق لها إلا حياة البهائم والطواغيت والشياطين.
إن الداعي إلى الله إذا قام بالدعوة حصل له لأجر والهداية وإن لم يستجب الناس، فإن استجابوا له فله مثل أجرهم: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].
إن وظيفة الدعوة إلى الله كوظيفة الملك، وبقية الوظائف كوظيفة الخدم، والمصيبة أن أكثر الناس اشتغل بوظيفة الخدم عن وظيفة الأنبياء والمرسلين، ويطمع مع ذلك بمنازل الأنبياء والصديقين.
ومن المؤسف حقاً أن الإنسان يجتهد في معرفة استخدام كل آلة؛ لأنه يعرف قيمتها ومنافعها، ولا يعرف كيف يستخدم نفسه الاستخدام السليم الذي يرضي به مولاه، وذلك لجهله بخالقها وقيمتها ومنافعها وما أعده الله لها.
ومحبة الدنيا تخرج من القلب عظمة الله وعظمة الدين، وإذا قمنا بجهد الدعوة جاءت في قلوبنا عظمة الله وعظمة دينه، وسهل علينا امتثال أوامر الله عزَّ وجلَّ، ولا يستطيع الداعي إخراج عظمة غير الله من قلوب الناس حتى يخرج عظمة غير الله من قلبه.
وقد يضعف إيمان أهل الحق فيرون الباطل له صولات وجولات، ويعظم ذلك في نفوسهم، لما يرونه من بطش أهل الباطل، وشدة إعراضهم، وتتابع أذاهم للمؤمنين.