للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا لا بدَّ للمؤمنين من الصبر والدعاء، ولهذا أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على أذى الكفار، وأمره أن يتعوض عن ذلك ويستعين عليه بالتسبيح بحمد ربه ليحصل له الرضا من ربه، ويطمئن قلبه، وتقر عينه بعبادة ربه، كما قال سبحانه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (١٣٠)} [طه: ١٣٠].

وقال سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)} [الحجر: ٩٧ - ٩٩].

والدعوة إلى الله أعظم وظائف المسلم، ولا بدَّ عند القيام بها من الحكمة، فيؤخذ الناس باللين والرفق لا بالشدة والعنف، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - تلين في الدعوة، وبسبب لينه في صلح الحديبية صار الأمان والاختلاط بين المسلمين والمشركين.

فرأى المشركون في المسلمين صفات جذبتهم إلى الدين:

الإيمان .. والعبادات .. والمعاملات .. والمعاشرات .. والأخلاق.

فدخلوا في الإسلام طائعين راغبين.

ففي السنة السادسة من الهجرة كان صلح الحديبية، والمسلمون منذ تسع عشرة سنة كانوا لا يزيدون على ألف وخمسمائة إلا قليلاً، وبعد الصلح دخل الناس في دين الله أفواجاً.

فكان فتح مكة بعد سنتين في السنة الثامنة من الهجرة والمسلمون يزيدون على عشرة آلاف، ثم بعد سنتين في السنة العاشرة عام غزوة تبوك كان المسلمون أكثر من ثلاثين ألفاً.

ثم بعد سنة في السنة الحادية عشرة حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين أكثر من مائة وعشرين ألفاً من المسلمين.

ولما أكمل الله أصول الدين وأحكامه .. وأصول الدعوة وأحكامها .. حمَّل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأمة مسئولية الدين في حجة الوداع، وأمرهم بأن يبلغ الشاهد

<<  <  ج: ص:  >  >>