منهم الغائب، ثم قبض الله رسوله بعد كمال الدين وتمام النعمة ودخول الناس في دين الله أفواجاً كما قال سبحانه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} [النصر: ١ - ٣].
وبقيت على الأمة من بعده مسئوليات أربع:
تعلم الدين .. والعمل بالدين .. وتعليم الدين .. والدعوة إلى الدين.
والداعي إذا ذهب إلى الأمصار والقرى للدعوة إلى الله حصلت بسببه مصلحتان:
الأولى: مصلحة الداعية بوجود البيئة التي يزيد فيها إيمانه، وتحسن أعماله، وتعينه على امتثال أوامر الله.
الثانية: مصلحة الأمة بوجود بيئة الإيمان والعلم والأعمال، فيتأثرون بها، ويرون أحوالها ويستفيدون من مواعظها.
ولا بدَّ من الحكمة في دعوة البشر، والحكمة لا تأتي إلا بالطلب الصادق من العبد، وحزنه على معاصي البشر، والرغبة في زوالها، وهيجان القلب بمحبة نجاة الناس من عذاب جهنم، والاستعانة بالله والاستغاثة به، وامتلاء القلب برحمة الناس.
ولا بدَّ من استعمال كل الأوقات للدعوة إلى الله، فكل شيء له وقت محدد إلا الدعوة فهي كل وقت، فالصلاة لها وقت، والصوم له وقت، والحج له وقت، والجهاد له وقت، أما الدعوة والذكر فلهما كل وقت، ولكن لا نترك التجارة، ولا جهد التجارة، لكن نؤخر ذلك حتى يعود الناس إلى الله.