وهو كذلك مستعد دائماً لتنبيه الغافل، وتذكير الناس، وهداية الضال، ونصح من زل، في كل زمان ومكان، وعلى أي حال حسب استطاعته، فماذا يبقى من الشر والفساد إذا كان كل مسلم يؤدي هذه الوظيفة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإِيمَانِ» أخرجه مسلم (١).
إن كمال كل شيء بأمرين:
الأول: أن يبلغ في تلك الصفة شأوه البعيد.
الثاني: أن تستحكم فيه تلك الصفة لحد يجعله يؤثر في غيره، ويطبعه بطابع نفسه.
فالثلج مثلاً كماله الأول ببرودته في ذاته، وكماله الثاني أن يبرد غيره.
والنار كمالها الأول بشدة حرارتها في ذاتها، وكمالها الثاني بإحراق غيرها.
فكذلك الكمال الأول للرجل الصالح أن يبلغ قمة الصلاح في حد ذاته، وكماله الثاني أن يكون مصلحاً لغيره بتأثيره فيه.
فالمؤمن إذا كان راسخاً في إيمانه كاملاً في طاعته للحق فهو على الكمال الأول من حيث اتصافه بصفة الإيمان.
فإذا قويت فيه تلك الصفة واستحكمت لدرجة أنه بدأ يدعو غيره إلى الحق،