ويهيب به إلى اتباعه، والسير في طاعة الله من خلال سلوكه المثالي وأخلاقه الكريمة، فإنه يرقى إلى الكمال الثاني بإصلاح غيره.
فللإيمان كمالان:
أولهما: أن يكون المؤمن في حد ذاته متقياً لله، خاشعاً له، مطيعاً لأحكامه وأوامره إلى آخر أنفاس حياته، معتصماً بحبله المتين بكل ما له من قوة كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)} [آل عمران: ١٠٢].
الثاني: أن يكون المؤمن داعياً إلى الخير، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، كما قال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤].
وهذا النوع من الكمال على مراتب متفاوتة:
فالشمعة والمصباح، والقمر والشمس، كل هذه أدوات تنوير وإضاءة، فالشمعة لا تنير إلا حجرة صغيرة، بينما المصباح ينير بيتاً كبيراً، ويضيء القمر والأرض وما حولها، وتضيء الشمس عالماً كبيراً.
وكذلك المؤمن إذا جعل قلب غيره يستنير بنور الإيمان، فإنه يدخل في مرتبة الكمال الثاني، ولكن لا يكون ذلك إلا أدنى مراتب هذا الكمال.
ثم هناك مراتب أخرى يختلف بعضها عن بعض باختلاف أبعادها وفق قيامه بالدعوة في نطاق فئة من الفئات، أو شعب من الشعوب، أو قطر من الأقطار، أو أمة من الأمم.
وأعلى مراتب هذا الكمال أن تكون دعوته تشمل العالم بأسره، فلا يسمح بوجود المنكر في ناحية من المعمورة إلا ويتجافى جنبه عن المضجع، ويشمر عن ساق جده لمحوه واستئصال شأفته، ولا يعد نفسه مختصاً بأمة أو قطر أو رقعة من الأرض، أو جنس من الأجناس.
وقد بين الله عزَّ وجلَّ أن غاية المسلم هي عبادة الله وحده لا شريك له، واستفراغ