للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيبة كانت ميتة، وكان ما لها من الحياة الطبيعية موجباً لعذابها.

قال الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي: «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأمَرَتْهُمْ أنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا» أخرجه مسلم (١).

الثاني: أن الله تعالى هدى الناس هداية عامة بما جعل فيهم من العقل، وبما أنزل إليهم من الكتب، وبما أرسل إليهم من الرسل.

ففي كل واحد ما يقتضي معرفته بالحق ومحبته له، وقد هداه الله إلى ما ينفعه، وجعل في فطرته محبة ذلك.

والنفس إن علمت الحق وأرادته فذلك من تمام إنعام الله عليها، وإلا فهي بطبعها لا بدَّ لها من مراد معبود غير الله، ومرادات سيئة تركبت من كونها لم تعرف الله ولم تعبده.

قال الله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣)} [الأعلى: ١ - ٣].

والهداية إلى الصراط المستقيم أغلى شيء في خزائن الله، ولذلك أمرنا الله عزَّ وجلَّ بطلب الهداية منه في كل صلاة، بل في كل ركعة بقوله سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦].

وقد بين الله مصدر الهداية بقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)} [البقرة: ٢].

وبين مكان الهداية بقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦)} [آل عمران: ٩٦].

وبين طريق الحصول على الهداية بقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].

وبين لنا أسوة أهل الهداية وهم الأنبياء والرسل بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٨٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>