بالحق المريد له، والهداية أعظم نعم الله على العبد، ومن أجل هذا أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نسأله الهداية إلى الصراط المستقيم كل يوم وليلة في صلواتنا الخمس والنوافل.
فالعبد محتاج إلى معرفة الحق الذي يرضي الله في كل حركة ظاهرة وباطنة، فإذا عرفه فهو محتاج إلى من يلهمه قصد الحق، فيجعل إرادته في قلبه، ثم إلى من يقدره ويعينه على فعله.
ومعلوم أن ما يجهله العبد أضعاف ما يعلمه، وأن كل ما يعلمه أنه حق لا تطاوعه نفسه على إرادته، ولولا إرادته لعجز عن كثير منه، فهو مضطر كل وقت إلى هداية تتعلق بالماضي والحال والمستقبل.
أما الماضي: فهو محتاج إلى محاسبة نفسه عليه، إن كان محسناً شكر الله عليه، وإن كان مسيئاً فيتوب إلى الله منه ويستغفره.
وأما الهداية في الحال: فهي مطلوبة منه، فإنه ابن وقته، فيحتاج أن يعلم ما هو متلبس به من الأفعال هل هو صواب؟ أم خطأ؟.
وأما المستقبل: فحاجته إلى الهداية منه أظهر، ليكون سيره على الطريق الصحيح.
ومن أحاط علماً بحقيقة الهداية وحاجة العبد إليها، علم أن الذي لم يحصل له منها أضعاف ما حصل له، وأنه في كل وقت محتاج إلى هداية متجددة لا سيما والله تعالى خالق أفعال القلوب والجوارح، فالإنسان كل وقت محتاج إلى أن يخلق الله له هداية خاصة، وصرف الموانع التي تمنع موجب الهداية.
فالوساوس والخواطر وشهوات الغي في قلبه كل منها مانع من وصول أثر الهداية إليه، فإن لم يصرفها الله عنه لم يهتد هدىً تاماً.
وحاجة العبد إلى هداية الله له مقرونة بأنفاسه، وهي أعظم حاجة للعبد.
والهداية لها أربع مراتب:
المرتبة الأولى: الهداية العامة، وهي هداية كل مخلوق من الحيوان والآدمي إلى