للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهوى .. وجهاد الشيطان .. وجهاد الدنيا.

فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك هذا الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد.

ولا يتمكن العبد من جهاد عدوه في الظاهر إلا إذا جاهد هذه الأعداء في الباطن، فمن نُصر عليها نُصر على عدوه، ومن نُصرت عليه نُصر عليه عدوه.

وقد علق سبحانه الهداية بالجهاد الذي لا ينقطع كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].

والواجب على الأمة ووظيفتها دعوة الناس إلى الله، وتعليمهم أحكام دينهم، ولكن لا يلزم من ذلك حصول الهداية، فإن ذلك وغيره بيد الله، ولا يلزم من العلم بكون الشيء سبباً لمصلحة العبد وسروره أن يقبله، أو يستجيب له، فقد يمنعه مانع من قبوله والعمل بمقتضاه وذلك لأسباب كثيرة، فللهداية موانع أهمها:

الأول: ضعف معرفة العبد وقلة إدراكه.

الثاني: عدم الأهلية، فقد يعرف الإنسان الشيء، لكن المحل غير قابل للتزكية، فإذا كان القلب قاسياً حجرياً لا يقبل التزكية ولا تؤثر فيه النصائح أو كان مريضاً لم ينتفع بكل علم يعلمه.

الثالث: محبة الأهل والعشيرة، فيرى أنه إذا اتبع الحق وخالفهم أبعدوه وطردوه عنهم، وأخرجوه من بين أظهرهم، وهذا سبب بقاء كثير من الخلق على الكفر بين قومهم وأهلهم.

الرابع: محبة الدار والوطن، فيرى أن في دخوله في الإسلام خروجه عن داره ووطنه إلى دار الغربة.

الخامس: من تخيل أن في الإسلام ومتابعة الرسول إزراءً وطعناً على آبائه وأجداده وذماً لهم، وهذا هو الذي منع أبا طالب وأمثاله عن الإسلام.

السادس: متابعة من يعاديه من الناس للرسول، وسبقه إلى الدخول في دينه،

<<  <  ج: ص:  >  >>