للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتحمله هذه العداوة له على معاداة الحق وأهله، وهذا كما جرى لليهود مع الأنصار، فلما أسلم الأنصار حملتهم معاداتهم لهم على البقاء على كفرهم.

السابع: قيام مانع وهو إما حسد أو كبر، وهو داء الأولين والآخرين، وهو الذي منع إبليس من الانقياد للأمر، وهو الذي منع اليهود ومنع أبا جهل وعبد الله بن أبي من الإسلام، فهؤلاء لم يرتابوا في صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن حملهم الكبر والحسد على الكفر به.

الثامن: مانع الرياسة والملك، فقد لا يكون في قلبه حسد ولا كبر، ولكن يضن بملكه ورياسته كحال هرقل، وملك القبط، وهو داء فرعون.

التاسع: مانع الشهوة والمال، وهو الذي منع كثيراً من أهل الكتاب وغيرهم من الإيمان خوفاً من ذهاب أموالهم ومآكلهم التي تصير إليهم من قومهم، كالأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله.

العاشر: مانع الإلف والعادة والمنشأ، فإن العادة قد تقوى حتى تغلب على حكم الطبيعة، فيتربى على شيء، ثم يأتيه العلم وهلة واحدة يريد إزالتها وإخراجها من قلبه وأن يسكنه مكانها فيعسر عليه الانتقال عنه، وهذا هو الغالب على الأمم.

والدعوة إلى الله أقوى سبب لحصول الهداية، فكما نجتهد لكسب المعاش كذلك علينا أن نجتهد لكسب الإيمان، وقد خلقنا الله في دار الأسباب، فجعل الماء سبباً للإرواء، والطعام سبباً للشبع، فكذلك جعل سبحانه الدعوة سبباً لحصول الهداية للداعي والمدعو.

ولكن سببية إرواء الماء ليست يقينية فقد يروي وقد لا يروي، ولكن محال أن يجتهد الإنسان جهد الدعوة ولا تحصل له الهداية، والهداية: هي لزوم الصراط المستقيم، والتأثر من الله وعدم التأثر من غيره، فنعتقد أن المخلوقات كلها صغيرها وكبيرها من النملة حتى جبريل لا تنفع ولا تضر إلا بأمر الله وإذنه وإرادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>