وكما أن النملة لا طاقة لها إلا بأمر الله، فكذلك جبريل لا قوة له إلا بأمر الله.
وقوة فكر الهداية للأمة ثمرة قوة الإيمان، فكلما كان الإيمان قوياً كانت أعمال الدين من عبادة ودعوة قوية.
فإذا زاد الإيمان زادت العبادات وقويت.
وإذا زاد الإيمان تفكرت جميع الأمة لهداية كل فرد من الأمة، فإن نقص تفكرت الأمة للأمة بوجه عام.
فإن نقص تفكر الفرد وحده لهداية الأمة.
فإن نقص لم يتفكر الفرد أو الأمة لهداية الفرد أو الأمة.
وهذه أدنى الدرجات، والأولى أعلاها، وعليها كان الصحابة رضي الله عنهم.
وأوسع الخلق فكراً في الهداية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان فكره يدور على ثماني دوائر، فكان يفكر ويسعى في هداية نفسه .. وأهله .. وعشيرته .. وقومه .. وقريته .. وما حولها .. والناس .. والعالم.
ففكره لنفسه وأهله كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)} [التحريم: ٦].
وفكره لعشيرته كما قال سبحانه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤].
وفكره لقومه كما قال سبحانه: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)} [السجدة: ٣].
وفكره للناس وفكره لقريته وما حولها كما قال سبحانه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: ٩٢].
كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨)} [سبأ: ٢٨].
وفكره للعالم كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].