ومنهم النجاشي الذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه.
والله عزَّ وجلَّ أعلم بالمحل الذي يصلح لغرس شجرة التوحيد فتثمر بالحمد والشكر، من المحل الذي لا يصلح لغرسها، فلو غُرست فيه لم تثمر، فكان غرسها هناك ضائعاً لا يليق بالحكمة، فهو سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته، وهو أعلم بالشاكرين.
فأعطى سبحانه هذا .. ومنع هذا .. لحكمة يعلمها ولا نعلمها: {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (١٠)} [العنكبوت: ١٠].
فهو سبحانه ما أعطى إلا بحكمة .. ولا منع إلا بحكمة .. ولا هدى إلا بحكمة ولا أضل إلا بحكمة .. وما عمرت الدنيا والآخرة والجنة والنار إلا بحكمته: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨].
والله عزَّ وجلَّ ما عدل عن موجب العدل والإحسان في هداية من هدى، وإضلال من ضل، ولم يطرد عن بابه، ولم يبعد عن جنابه من يليق به التقريب والهدى والإكرام.
بل طرد من لا يليق به إلا الطرد والإبعاد، وحكمته وحمده تأبى تقريبه وإكرامه، وجعله من أهله وخاصته وأوليائه.
ولو علم سبحانه في الكفار خيراً وقبولاً لنعمة الإيمان، وشكراً له عليها، ومحبة له، واعترافاً بها، لهداهم إلى الإيمان.
ولهذا لما قالوا للمؤمنين:{أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}[الأنعام: ٥٣].