للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكمل عقول أهل الأرض على الإطلاق، فلو وزن عقله بعقولهم لرجحها، وهو قبل الوحي لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان كما قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)} [الشورى: ٥٢].

فإذا كان أعقل الخلق على الإطلاق إنما حصل له الهدى بالوحي كما قال سبحانه: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)} [سبأ: ٥٠].

فكيف يحصل لمن دونه الاهتداء إلى حقائق الإيمان بالعقل دون الوحي؟.

ونعم الله على العباد كثيرة، وأجلها وأعظمها نعمة الهداية إلى الحق، وواجب العباد الثناء على ربهم المنعم بها، والثناء نوعان:

عام: وهو وصف ربه بالجود والكرم، والبر والإحسان، وسعة العطاء.

والخاص: التحدث بنعمه، والتحدث بنعمه نوعان:

أحدها: التحدث بذكر نعمه المادية من الأرزاق والأولاد والأموال ونحوها، والإخبار بوصولها من جهته.

الثاني: التحدث بنعمه الروحية وهي الدين، بالدعوة إلى الله، وتبليغ دينه، وتعليم الأمة، وكلاهما نعمة مأمور بشكرها والتحدث بها كما قال سبحانه: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} [الضحى: ١١].

إن الكفر انقطاع عن الحياة الحقيقية الأزلية الأبدية التي لا تفنى، فهو موت، وهو انعزال عن الخالق المالك للوجود كله فهو موت، وهو انطماس في أجهزة الاستقبال والاستجابة فهو موت.

والكفر حجاب للروح عن المعرفة والاطلاع فهو ظلمة، وختم على الجوارح والمشاعر فهو ظلمة، وتيه في أودية الضلال فهو ظلمة.

وما الكافر؟ .. وما المشرك؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>