للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلوب اهتزت وتحركت بالذكر والعبادة والطاعة لمولاها، فاطمأنت بذكره، وأنست بقربه، وتلذذت بعبادته، وأشرقت أرواح المؤمنين بهذا النور وأضاءت، وفاض منها النور تمشي به في الناس، تهدي الضال، وتلتقط الشارد، وتطمئن الخائف، وتكشف معالم الطريق للبشر، وتحقق مراد الله في أرضه وعباده.

فهل يستوي هذا الحي الذي أنار الله قلبه بالإيمان، بميت جاثم في الظلمات؟.

والهدى والرشاد هما غاية كمال العبد، وبهما سعادته وفلاحه.

والراشد المهدي هو الذي زكت نفسه بالعلم النافع، والعمل الصالح، وهو صاحب الهدى ودين الحق.

والناس في هذا أربعة أقسام:

الأول: مهتد في علمه، راشد في قصده وعمله، وهؤلاء ورثة الأنبياء، وصفوة الله من عباده، وهم وإن كانوا الأقلين عدداً، فهم الأكثرون عند الله قدراً.

الثاني: ضال في علمه، غاو في قصده وعمله، وهؤلاء أشر الخلق، وهم مخالفو الرسل والأنبياء.

الثالث: مهتد في علمه، غاو في قصده وعمله، وهؤلاء هم الأمة الغضبية اليهود، ومن تشبه بهم ممن عرف الحق ولم يعمل به.

الرابع: ضال في علمه، وقصده الخير، لكنه يتعبد على جهل وهو لا يشعر كالنصارى ومن تشبه بهم ممن ضل عن معرفة الحق.

وأكمل الخلق في الهداية والرشد هم الأنبياء، وأكمل الأنبياء في ذلك سيدهم وأفضلهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذي زكى الله عقله وقلبه ولسانه وكتابه ودينه كما قال سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ١ - ٤].

ولا يمكن أن تحصل الهداية لأحد من البشر إلا بالوحي الذي أرسل الله به رسله، فالناس لا يهتدون إلى حقائق الإيمان بمجرد عقولهم دون نصوص الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>