للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل قلبه محل نظره سبحانه، وجعل ثوابه إذا قدم عليه أكمل الثواب وأعظمه وأفضله، وهو النظر إلى وجهه سبحانه، ورضاه عنه، والفوز بالجنة، والخلود في النعيم المقيم.

ولكنه سبحانه مع ذلك ابتلاه بالشهوة والغضب والغفلة، وابتلاه بعدوه إبليس يدخل عليه من هذه الأبواب الثلاثة.

فيتفق الشيطان .. ونفس الإنسان .. وهوى الإنسان على العبد، ثلاثة مسلطون آمرون.

فيبعثون الجوارح في قضاء وطرهم، والجوارح آلة منقادة، فلا تزال الجوارح في طاعتهم.

ولكن اقتضت رحمة الله أن أعانه بجند آخر يقاوم هذا الجند الذي يريد إهلاكه.

فأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأيده بملك كريم يقابل عدوه الشيطان، وجعل له مقابل نفسه الأمارة بالسوء نفساً مطمئنة تأمره بالخير، وجعل له مقابل الهوى الحامل له على طاعة الشيطان والنفس الأمارة نوراً وبصيرة وعقلاً يرده عن الذهاب إلى الهوى المهلك، والمحفوظ من حفظه الله تعالى.

والمصائب التي تحصل للعباد قسمان:

فهي إما ابتلاء وتربية .. وإما عقوبة وعذاب.

فإذا غضب الله على أحد أهلكه بعذاب الغرق أو القذف، أو الخسف أو الصعق كما قال سبحانه عن الأمم التي كذبت رسل الله: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)} [العنكبوت: ٤٠].

وإذا رضي الله على أحد ابتلاه بما شاء، ثم إن صبر اجتباه وهداه كما قال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>