للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى: ٣٠].

وقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦)} [الأعراف: ٩٦].

والله سبحانه يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، ويتلقى العباد ذلك كل حسب طبيعته واستعداده وعلمه.

فالابتلاء واحد، ولكن آثاره في النفوس تختلف بحسب اختلاف الرؤية والمعرفة.

فالشدة مثلاً تسلط على شتى النفوس:

فأما المؤمن الواثق بالله وحكمته ورحمته فتزيده الشدة التجاءً إلى الله، وتضرعاً وخشية.

وأما الفاسق أو المنافق فتزلزله وتزيده من الله بعداً، وتخرجه من الصف إخراجاً.

والرخاء يسلط على شتى النفوس:

فأما المؤمن التقي فيزيده الرخاء يقظة وحمداً وشكراً.

وأما الفاسق أو المنافق فتبطره النعمة، ويتلفه الرخاء، ويضله الابتلاء، فالفاسق أو المنافق كشجرة انفصلت من شجرة الحياة فتعفنت وفسدت وهكذا المثل يضربه الله للناس، يضل به كثيراً ممن لا يحسنون استقبال ما يجيئهم من الله، ويهدي به كثيراً ممن يدركون حكمة الله في تدبيره كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (٢٦)} [البقرة: ٢٦].

وقد خلق الله الإنسان، واختاره من بين سائر البرية، وجعل قلبه محل كنوزه من الإيمان والتوحيد، والمحبة والتعظيم، والحياء والإخلاص وجعل بدنه محل ظهور العبودية والسنن والآداب والأخلاق التي أمر بها الله عزَّ وجلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>