والابتلاء ضروري لكل من يحملون دعوة الله، ويؤهلون لأمانة الخلافة في الأرض.
وقد كان اختبار الإرادة والاستعلاء على الإغراء هو أول اختبار وجه من قبل الله إلى آدم وحواء فلم يصمدا له: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)} [طه: ١١٥].
وكذلك بنوا إسرائيل حين طلبوا من موسى أن يجعل لهم يوم راحة يتخذونه عيداً للعبادة، ولا يشتغلون فيه بالكسب، فجعل لهم يوم السبت، ثم كان الابتلاء ليربيهم الله، ويعلمهم كيف تقوى إرادتهم على المغريات والأطماع، وكيف ينهضون بعهودهم حين تصطدم بهذه المغريات والأطماع.
فكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعاً، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، وذلك ابتلاء من الله، ولم يصمد فريق من بني إسرائيل لهذا الابتلاء فمسخهم الله قردة خاسئين: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (١٦٦)} [الأعراف: ١٦٦].
وتواجه المسلم في حياته عقبتان:
عقبة داخلية .. وعقبة خارجية ..
ومواجهة العقبة الداخلية .. والانتصار عليها أهم من اقتحام المعارك، وذلك بالانتصار على هوى النفس، والشح والبخل، والرياء والنفاق، ومن انتصر على العدو الداخلي، سهل عليه الانتصار على العدو الخارجي كما قال سبحانه: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨)} [البلد: ١١ - ١٨].