للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سنة الله عزَّ وجلَّ أن كل من ترك ما ينفعه مع الإمكان ابتلي بالاشتغال بما يضره وحُرم الأول.

فالمشركون لما زهدوا في عبادة الرحمن .. ابتلوا بعبادة الأوثان.

ولما استكبروا عن الانقياد للرسل .. ابتلوا بالانقياد لكل مارج العقل والدين.

ولما استكبروا عن الانقياد للحق .. أذلهم الله بالانقياد لكل مبطل.

ولما تركوا اتباع كتب الله المنزلة لهداية العباد .. ابتلوا باتباع أرذلها وأخسها وأضرها للعقول.

ولما ترك المحاربون لله ورسوله إنفاق أموالهم في طاعة الرحمن .. ابتلاهم بإنفاقها في طاعة الشيطان.

ولما أهانوا آيات الله ورسله .. أهانهم الله بمن يذلهم في الدنيا من أعدائهم، وفي الآخرة بالعذاب المهين.

ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

فالمهاجرون الأولون الذين هجروا أوطانهم وتركوا أموالهم وأهلهم من أجل إعلاء كلمة الله .. عوضهم الله الرزق الواسع في الدنيا، والعز والتمكين في الأرض، والجنة في الآخرة.

وإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لما اعتزل قومه وما يعبدون من دون الله .. وهب الله له إسماعيل وإسحاق ويعقوب، ولم يبعث نبياً من بعده إلا من نسله.

ويوسف - صلى الله عليه وسلم - لما ابتلي بامرأة العزيز، وصبر وعصم نفسه، وحفظها من الوقوع على امرأة العزيز، وطلب السجن ليبعد عن الفتنة .. عوضه الله بأن مكن له في الأرض، واستمتع بما أحل الله له من الأموال والنساء والسلطان.

وأهل الكهف لما اعتزلوا قومهم وما يعبدون من دون الله .. نشر لهم من رحمته، وجعلهم سبباً للهداية.

ومريم ابنة عمران لما أحصنت فرجها .. أكرمها الله، ونفخ فيه من روحه، واصطفاها وطهرها، وجعلها وابنها آية للعالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>