وأمده سبحانه بالعقل وزيراً له ومدبراً، وبالمعرفة مشيرة عليه، وناصحة له، وبالإيمان مثبتاً له وناصراً ومؤيداً، وباليقين حتى كأنه يعاين ما وعد الله تعالى أولياءه.
ثم أمده سبحانه بالقوى الظاهرة والباطنة لخوض هذه الحرب.
فجعل العين طليعته .. والأذن صاحبة خبره .. واللسان ترجمانه .. واليدين والرجلين أعوانه .. وأقام ملائكته وحملة عرشه يستغفرون له .. ويسألون الله أن يقيه السيئات، ويدخله الجنات، وتولى سبحانه الدفاع عنه.
وحسب قوة الإيمان تكون قوة الابتلاء، فالأنبياء كانوا جبال الإيمان، وجبال اليقين، وجبال الصبر .. ثم يليهم الصحابة، وابتلاؤنا اليوم لا يكون كابتلاء الصحابة فضلاً عن الأنبياء، ولكن لا بدَّ من الابتلاء.
فللأنبياء ابتلاء .. وللصحابة ابتلاء .. ولمن بعدهم ابتلاء حسب قوة الإيمان وضعفه.
والله سبحانه:«حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» أخرجه مسلم (١).
فكل جمال في العالم العلوي وفي العالم السفلي من جماله سبحانه، وكل جمال ونور في المخلوقات لا يساوي ذرة من جمال الخالق ونوره وجلاله.
وإذا كانت سبحات وجهه الأعلى لا يقوم لها شيء من خلقه، ولو كشف حجاب النور عن تلك السبحات لأحرق العالم العلوي والسفلي، فما الظن بجلال ذلك الوجه الكريم وعظمته وكبريائه وكماله وجلاله وجماله.
فالرب سبحانه قد احتجب عن مخلوقاته بحجاب من نور مخلوق، جعله سبحانه يحجب نور وجهه الكريم وجلاله وجماله عن وصوله إلى المخلوقات حيث لا تحتمله.