والحيوانات، ومن هو خارج عن التكليف، ومن لا ثواب ولا عقاب عليه، كله جار على مقتضى الحكمة.
فالرب سبحانه أسماؤه حسنى، وصفاته كاملة، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة، وله على ذلك كل حمد ومدح وثناء، وكل خير فمنه وله وبيده، وهو أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين.
والشر ليس إليه بوجه من الوجوه، وإن كان في مفعولاته فهو خير بإضافته إليه، وشر بإضافته إلى من صدر منه أو وقع به.
والأمر قسمة بين فضل الله وعدله، فيختص برحمته من يشاء، ويقصد بعذابه من يشاء، وهو المحمود على هذا وهذا.
فالطيبون من خلقه مخصوصون بفضله ورحمته، والخبيثون مقصودون بعذابه، ولكل واحد قسطه من الحكمة والابتلاء والامتحان، وكلٌّ مستعمل فيما هو مهيأ له، وله مخلوق، وكل ذلك خير ونفع ورحمة للمؤمنين، فإنه تعالى خلقهم للخيرات فهم لها عاملون.
لأنه سبحانه عرفهم بنفسه وبفضله، وأن قلوبهم بيده، وعصمتهم إليه، وأراهم عزته في قضائه، وبره وإحسانه في عفوه ومغفرته، وأشهدهم نفوسهم وما فيها من النقص والظلم والجهل.
وأشهدهم حاجتهم إليه، وافتقارهم وذلهم بين يديه، وأنه إن لم يغفر لهم، ويعف عنهم، فليس لهم سبيل إلى النجاة أبداً.