الثاني: أن نتشاور في الدعوة جميعاً؛ لئلا تكون الأحزاب، ويتصرف كل واحد حسب هواه.
ففي أي عمل اجتماعي الحوائج تقضى .. والمانع يزول .. والبركة تنزل .. وأعمال الدين فيها نور النبوة، دعوة وتعليم، عبادة وشورى، والدعوة لا تمشي إلا بمزاج النبوة.
ونتجنب الإصرار على الرأي؛ لأن الذي يصر على رأيه يجد في نفسه أنه هو الأحق بالعمل، والرأي حق العمل لا حق الإنسان.
والله عزَّ وجلَّ يريد لهذا العمل استعداد الرأي السديد، واستعداد الإنفاق، واستعداد الدعوة، واستعداد التعليم، لينتشر الخير في العالم كله.
ولا بدَّ من الحيطة في العمل كما قال سبحانه: {وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (٢٠)} [الكهف: ١٩، ٢٠].
وبعض الناس جعل الاحتياط تجاوز الأمور، وبعضهم جعله ترك العمل بالكلية، وهذا خروج عن الاعتدال.
فالأعمال الاجتماعية كالدعوة والجهاد والتعليم لا بدَّ فيها من الاعتدال والتلطف، وفي مزاج الأنبياء اللين والرحمة والشفقة على الخلق وجهد الدعوة إلى الله ليس إحساناً للبشرية، بل هو حقهم الذي يجب إيصاله إليهم.
وإذا تفرغنا لجهد الدين الله يغنينا بفضله عمن سواه، كما أن الإنسان إذا تفرغ لخدمة السلطان فهو يغنيه.
وسبب ترك الأعمال فساد اليقين، وضعف الإيمان، وقلة الاحتساب، فنقوم بكل عمل باليقين التام على أن الأمور كلها بيد الله وحده.
والإيمان لا نهاية له، والإيمان بالغيب هو الأصل، فنتعلم الإيمان بالنظر في الآيات الكونية والآيات القرآنية التي تبين عظمة الله وقدرته.