ولعظم أجر الإحسان إلى الخلق والإنفاق عليهم، الله تبارك وتعالى يوجه عباده دائماً إلى الإحسان والإنفاق في سبيل الله كما قال سبحانه لعباده المؤمنين: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)} [التغابن: ١٦].
فالله سبحانه يأمرهم أن ينفقوا الخير لأنفسهم، فيجعل ما ينفقونه كأنه نفقة مباشرة لذواتهم، ويعدها الخير لهم حين يفعلون، ويريهم شح النفس بلاء ملازماً، السعيد من يخلص منه ويوقاه، والوقاية منه فضل من الله يعقبه فلاح.
وترغيباً للمؤمنين في البذل، وتحبيباً لهم في الإنفاق، يسمي إنفاقهم قرضاً له يضاعفه لهم، ويغفر به ذنوبهم، ويشكر المقرض ويحلم عليه حين يقصر في شكره: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧)} [التغابن: ١٧].
وتبارك الله الغني الحميد القوي العزيز ما أكرمه .. وما أعظمه، وهو ينشئ العبد، ثم يرزقه، ثم يسأله فضل ما أعطاه قرضاً حسناً يضاعفه له، ثم يشكر لعبده الذي أنشأه وأعطاه، ويعامله بالحلم في تقصيره هو عن شكر مولاه الذي خلقه ورزقه وهداه.
إن هذه الآفاق العليا من الإيمان والصلاة والزكاة، والجهاد والإنفاق والإحسان، مفتوحة دائماً لكل مسلم، ليتطلع هذا المخلوق ويدرج إلى الكمال المستطاع، ويحاول الارتفاع درجة بعد درجة حتى يحقق كمال العبودية لمولاه، ويلقاه بما يحبه ويرضاه، فيجازيه بما يحبه ويتمناه: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)} [المطففين: ٢٦].
وكثيراً ما يجمع الله تعالى في القرآن بين الصلاة والإنفاق؛ لأن الصلاة متضمنة للقيام بحق المعبود، والنفقة متضمنة للإحسان إلى المخلوق، كما قال سبحانه