وإهمال الحقوق الواجبة، ولم يقتروا فيدخلوا في باب البخل والشح، فإنفاقهم وسط بين الإسراف والتقتير.
يبذلون في الواجبات من الزكوات، والكفارات، والنفقات الواجبة، وفيما ينبغي على الوجه الذي ينبغي من غير ضرر ولا ضرار.
والإنفاق ينفع المؤمن، ولا ينفع الكافر البتة، وقد بين الله الإنفاق الذي يحبه والذي ينتفع به العبد في الآخرة بقوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)} [آل عمران: ٩٢].
فلا يبلغ العباد مقام البر الموصل إلى الجنة إلا إذا قدموا محبة الله على محبة الأموال فبذلوها في مرضاته، وذلك علامة إيمانهم الصادق، وبر قلوبهم، وحسن تقواهم.
ويدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال، والإنفاق في حال حاجة المنفِق إلى ما أنفقه، والإنفاق في حال الصحة.
وبحسب إنفاق الإنسان للمحبوبات يكون بره، وينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك.
والإنفاق في مرضاة الله يثاب عليه العبد سواء كان قليلاً أو كثيراً، محبوباً للنفس أم غير محبوب، لكن الكثير المحبوب أكثر أجراً، وأعظم ثواباً.
والله يثيب على الكل حسب النية والنفع، وهو بكل شيء عليم.
والمنفقون قسمان:
الأول: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله وطاعته، ويحفظونها مما يبطلها أو يفسدها أو ينقصها وهؤلاء: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)} [البقرة: ٢٦٢].
الثاني: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ولكن يبطلونها بالمن والأذى وإليهم الإشارة بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ