للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)} [البقرة: ٢٦٧].

ومع هذا فهو حميد على ما يأمر به من الأوامر الحميدة والأخلاق الكريمة، فعلينا أن نمتثل أوامره؛ لأنها قوت القلوب، وحياة النفوس، ونعيم الأرواح.

والله عزَّ وجلَّ عليم بكل شيء، يعلم بجميع نفقات العباد واجبها ومستحبها، قليلها وكثيرها، طيبها ورديئها، فلا يخفى عليه شيء منها، ويعلم ما صدرت عنه هل هو الإخلاص أم غيره؟.

فإن صدرت عن إخلاص وطلب لمرضاة الله، جازى عبده عليها بالثواب العظيم، وإن لم ينفق العبد ما وجب عليه من النفقات، أو قصد بذلك رضى المخلوق، فإنه ظالم قد وضع الشيء في غير موضعه، واستحق العقوبة البليغة كما قال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠)} [البقرة: ٢٧٠].

وصدقة السر على الفقير أفضل من صدقة العلانية، وأما إذا لم تؤت الصدقات الفقراء فالسر ليس خيراً من العلانية، فيرجع في ذلك إلى المصلحة، فإن كان في إظهارها إظهار شعائر الدين، وحصول الاقتداء ونحوه فهو أفضل، وإلا فالسر أفضل؛ لحماية الإخلاص كما قال سبحانه: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١)} [البقرة: ٢٧١].

وفي الصدقات دفع للعقاب، وتكفير للسيئات، ومضاعفة الأجر إذا كانت طيبة، وابتغى بها وجه الله.

ومن صفات عباد الرحمن أنهم: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)} [الفرقان: ٦٧].

فإذا أنفقوا النفقات الواجبة والمستحبة لم يسرفوا فيدخلوا في قسم التبذير،

<<  <  ج: ص:  >  >>