للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا بخلوا بالبذل فإنما يبخلون على أنفسهم، وإنما يقللون من رصيدهم، وإنما يحرمون أنفسهم بأيديهم.

فالله عزَّ وجلَّ لا يطلب منهم البذل إلا وهو يريد لهم الخير، ويريد لهم الوفر، ويريد لهم الكنز والذخر، وما يناله شيء مما يبذلون، وما هو في حاجة إلى ما ينفقون، فالله الغني وهم الفقراء.

فهو الذي أعطاكم أموالكم، وهو الذي يدخر لكم عنده ما تنفقون منها، وهو الغني عما أعطاكم في الدنيا، الغني عن أجوركم المذخورة في الآخرة، وأنتم الفقراء في الدارين وفي الحالين.

أنتم الفقراء إلى رزقه في الدنيا .. فما لكم من قدرة على شيء من الرزق إلا أن يهبكم إياه .. وأنتم الفقراء إلى أجره في الآخرة، فهو الذي يتفضل به عليكم .. وما أنتم بموفين شيئاً مما عليكم .. ففيم البخل إذاً؟ .. وفيم الشح؟.

وكل ما في أيديكم، وكل ما ينالكم من أجر على ما تنفقون، هو من عند الله، ومن فضل الله عزَّ وجلَّ.

ومن بخل عن الإنفاق في سبيل الله، فإنما يمنع عن نفسه الأجر والثواب ببخله، وإذا بخل المسلمون بالإنفاق في سبيل الله تغلب العدو عليهم، وقهرهم أهل الباطل، وذهب عزهم وأموالهم وربما أنفسهم.

أما عقوبة التولي عن الإيمان والتقوى وترك الإنفاق في سبيل الله فهي: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨)} [محمد: ٣٨].

وأولى الناس بالإنفاق عليه وأحقهم بالتقديم، أعظمهم حقاً عليك، وهم الوالدان الواجب برهما والمحرم عقوقهما.

ومن بعد الوالدين الأقربون على اختلاف درجاتهم الأقرب فالأقرب، على حسب القرب والحاجة، فالإنفاق عليهم صدقة وصلة.

واليتامى وهم الصغار الذين لا كاسب لهم، فهم في مظنة الحاجة.

والمساكين وهم أهل الحاجات وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة،

<<  <  ج: ص:  >  >>