وابن السبيل وهو الغريب المنقطع به في غير بلده، فيعان بالنفقة التي توصله إلى مقصده.
وكذلك الإنفاق في جميع أنوع الطاعات والقربات، والله يجازي كل منفق على حسب نيته وإخلاصه، وكثرة نفقته وقلتها، وشدة الحاجة إليها، وعظم وقعها ونفعها، وفي ذلك يقول سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥)} [البقرة: ٢١٥].
وكما لا يستوي من أنفق قبل فتح مكة وقاتل في سبيل الله بمن أنفق بعد ذلك وقاتل، فكذلك لا يستوي العبد المملوك الذي لا يملك من المال والدنيا شيئاً بالحر الغني الذي رزقه الله رزقاً حسناً، فهو ينفق منه سراً وجهراً: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥)} [النحل: ٧٥].
والإنفاق في السراء والضراء من أعظم صفات المتقين كما قال سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤].
وقد أمر الله رسوله أن يأمر المؤمنين ويرغبهم بما فيه صلاحهم وسعادتهم، وهو طاعة ربهم بإقامة الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، والإحسان إلى الخلق والإنفاق في سبيل الله قبل الموت كما قال سبحانه: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (٣١)} [إبراهيم: ٣١].
وانحراف الإنسان في ماله يكون بأحد أمرين أو بهما معاً:
الأول: إنفاقه في الباطل الذي لا يجدي عليه نفعاً، بل لا يناله منه إلا الضرر