الثاني: التضحية بالبذل والترك من أجل الدين، فنقدم حاجات الدين على حاجات النفس، والدعوة على جميع الأعمال، والأهم على المهم.
الثالث: الاستقامة على هذا العمل، والاستمرار فيه، وإقامة الناس عليه، وبذلك تحصل لنا السعادة في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)} [فصلت: ٣٠ - ٣٢].
وبهذه المجاهدة الله يرزقنا الإخلاص، وحسن العمل، وتحصل الهداية لنا ولجميع الناس كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩].
والنبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة رضي الله عنهم حين واجهوا الكفار في بدر لم يتفكروا من سيكون معهم الفرس أو الروم؟.
بل هم اجتهدوا كيف يكون الله معنا، وما زالوا يدعون الله ويبكون حتى نزلت عليهم نصرة الله مع قلتهم وقلة ما معهم كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣)} [آل عمران: ١٢٣].
فالإيمان والدعاء والأعمال الصالحة عدة المجاهدين في سبيل الله، وهي سبب نصرهم سواء كان جهادهم بالسيف وهو القتال، أو باللسان وهو الدعوة إلى الله كما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)} [الروم: ٤٧].
وقد أمر الله عباده المجاهدين في سبيله بالشجاعة الإيمانية وإعداد القوة، والسعي في جلب الأسباب المقوية للقلوب والأبدان، والتخلص من قيد الشهوات وسيئ الأخلاق، والثبات والصبر، ليواجهوا الأعداء بكمال الإيمان، وكمال التقوى، وكمال الصبر فيحصل لهم النصر كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)