الثالث: إقامة خلافة الله في أرضه، ليعبد الله وحده لا شريك له، وتمتثل أوامره وحده، وتقرير ذلك وحمايته.
فالإسلام هو نظام الحياة المنزل من عند الله، وهو الذي يقرر حرية الإنسان تجاه أخيه الإنسان، فيقرر عبودية الله، ويلغي من الأرض عبودية البشر للبشر.
وهذا الدين لا يقوم إلا بجهد وجهاد، فلا بدَّ له من أهل يبذلون جهدهم لتعريف الناس به، وتعليمهم إياه، وردهم إليه.
لا بدَّ من جهد بالحسنى حين يكون الضالون أفراداً ضالين يحتاجون إلى الإرشاد والإنارة.
وبالقوة حين تكون القوة الباغية في طريق الناس هي التي تصدهم عن الهدى، وتعطيل دين الله أن يوجد، وتعوق شريعة الله أن تقوم.
وعدة الإنسان في الحياة والجهاد والقتال هي الإيمان، فالإيمان زاده وهو الذي يحركه، وهو الذي يحفظه، وبه يحصل له النصر والأمن، سواء كانت معه الأسباب أو لم تكن.
فالأنبياء والمؤمنون معهم قوة الله، فهم أقوى الخلق؛ لأن الله معهم يحفظهم وينصرهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر في الغار:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: ٤٠].
والطواغيت والكفار أضعف خلق الله وأخوفهم؛ لأن الله ليس معهم، فهم كالفأرة أمام الأسد .. بل كالحشرات .. بل هم صم بكم عمي .. بل هم أموات أمام الأحياء .. وأنى يفعل الميت بالحي شيئاً: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)} [الأنعام: ١٢٢].
فلما خفناهم ولم نخف الله أذلنا الله بهم، وخوفنا الشيطان منهم: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)} [آل عمران: ١٧٥].