فالمؤمنون لقوتهم كالأسود .. والكفار بسبب كفرهم كالفأر.
ففرعون أمام موسى كالفأرة أمام الأسد .. ونمرود أمام إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - كالفأرة أمام الأسد .. وأبو جهل وجيشه أمام محمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه كالفأرة أمام الأسد .. واليهود في المدينة وخيبر أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالفأرة أمام الأسد.
وكسرى وجيشه .. وقيصر وجيشه .. أمام المسلمين كالفأرة، فآلاف من الفئران لا تقف لأسد واحد حي .. فكيف إذا كانت الأرض مملوءة بالأسود؟.
ونحن اليوم فأرة مسنة معتلة تتحكم في ألف مليون أسد فما السبب؟.
السبب: أن أسود اليوم صور، وأسود الأمس حقائق، وإذا كان الأسد صورة جاءت إليه الحشرات والفئران، وأكلت أنفه ومزقت بدنه، وركبت عليه، ثم بالت عليه؛ لأنه صورة لا يخاف منه.
ويوم كانت الأسود حقائق كما في عهد النبوة والصحابة، فصيحة واحدة من أسد حي يفزع لها جميع من في الغابة: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨)} [المنافقون: ٨].
ولا بدَّ للإسلام من قوة ينطلق بها في الأرض، وأهم ما تصنعه هذه القوة، أن تؤمن الذين يختارون هذه العقيدة على حريتهم في اختيارها، فلا يصدون عنها، ولا يفتنون بعد اعتناقها، وأن ترهب أعداء هذا الدين فلا يفكرون في الاعتداء على دار الإسلام، وأن تحطم هذه القوة كل قوة في الأرض تتخذ لنفسها صفة الألوهية، وتظلم العباد، وتحكم الناس بغير ما أنزل الله وتصد عن سبيل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)} [البقرة: ١٩٣].
أما الكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين، ولم يخرجوهم من ديارهم، ولم يؤذوهم، فالله عزَّ وجلَّ لا ينهى عن برهم وصلتهم والإحسان إليهم من أقاربهم كما قال سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ