للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ، إِلا أنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَقَاتِلْهُمْ» أخرجه مسلم (١).

وأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذاً إلى اليمن فأوصاه بقوله: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ» متفق عليه (٢).

إن العبادات والشعائر والشرائع الإلهية التي تنظم حياة البشرية، لا بدَّ لها من حماية تدفع عنها الذين يصدون عن سبيل الله، وتمنعهم من الاعتداء على حرية العقيدة، وحرية العبادة، وأماكن العبادة، وحرمة الشعائر، وتمكن المؤمنين العابدين العاملين من تحقيق منهاج الحياة القائمة على العقيدة، المتصل بالله، الكفيل بتحقيق الخير للبشرية كافة في الدنيا والآخرة.

ومن ثم أذن الله للمسلمين بعد الهجرة في قتال المشركين ليدفعوا عن أنفسهم وعن عقيدتهم اعتداء المعتدين بعد أن بلغ أقصاه، وليحققوا لأنفسهم ولغيرهم حرية العقيدة، وحرية العبادة، وحرية الدعوة في ظل دين الله كما قال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)} [الحج: ٣٩].

إن قوى الشر والباطل والضلال تعمل في هذه الأرض، والمعركة مستمرة بين الخير والشر، والهدى والضلال، والصراع قائم بين قوى الإيمان وقوى الطغيان منذ خلق الله الإنسان.

والشر جامح، والباطل مسلح، وهو يبطش غير متحرج، ويضرب غير متورع،


(١) أخرجه مسلم برقم (١٧٣١).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٣٩٥)، ومسلم برقم (١٩) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>