للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويملك أن يفتن الناس عن الخير إن اهتدوا إليه، وعن الحق إن تفتحت له قلوبهم.

فلا بدَّ للإيمان والخير والحق من قوة تحميها من البطش، وتقيها من الفتن، وتحرسها من الأشرار والبغاة والطغاة، وقد أمرنا الله بذلك في قوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٦٠)} [الأنفال: ٦٠].

ولم يشأ الله عزَّ وجلّ أن يترك أهل الإيمان والخير والحق عزلاً تكافح قوى الطغيان والباطل والشر اعتماداً على قوة الإيمان في النفوس، وتغلغل الحق في الفطر، وعمق الخير في القلوب.

فالقوة المادية التي يملكها الباطل قد تزلزل القلوب، وتفتن النفوس، وتزيغ الفطر، وللصبر حد، وللطاقة البشرية مدى تنتهي إليه، والله أعلم بقلوب الناس ونفوسهم.

ومن ثم لم يشأ الله أن يترك المؤمنين للفتنة إلا ريثما يستعدون للمقاومة، ويتهيأون للدفاع، ويتمكنون من وسائل الجهاد، وعندئذ أذن لهم في القتال لرد العدوان، والله سيتولى الدفاع عنهم فهم في حمايته: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨)} [الحج: ٣٨].

والله سبحانه يكره أعداء المؤمنين لكفرهم، فهم مخذولون حتماً، والمؤمنون مظلومون غير معتدين، فليطمئنوا على حماية الله لهم، ونصره إياهم كما قال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)} [الحج: ٣٩].

فلا بدَّ للمسلمين من الجهاد في سبيل الله لحماية العقيدة، وأماكن العبادة، والدفع عنها؛ لئلا تنتهك حرماتها، فما أرحم الله بعباده إذ شرع لهم الجهاد في سبيل الله: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>