والصوامع أماكن العبادة المنعزلة للرهبان .. والبِيَع للنصارى عامة .. والصلوات أماكن العبادة لليهود .. والمساجد أماكن العبادة للمسلمين.
وهذه الأماكن كلها معرضة للهدم، لا يشفع لها في نظر الباطل أن اسم الله يذكر فيها، ولا يحميها إلا دفع الله الناس بعضهم ببعض، أي دفع حماة العقيدة لأعدائها الذين ينتهكون حرماتها، ويعتدون على أهلها.
فالباطل متبجح لا يكف ولا يقف عن العدوان ما وجد حق، إلا أن يدفعه الحق بمثل القوة التي يصول بها ويجول، ولا يكفي الحق أنه الحق ليقف عدوان الباطل عليه، بل لا بدَّ له من القوة تحميه، وتدافع عنه، وترهب أعداءه، وهي سنة شرعية مأمور بها كما قال سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٦٠)} [الأنفال: ٦٠].
إن هذا الدين لا يقوم بغير حراسة، ولا يتحقق في الأرض بغير جهاد، ولا ينتشر بغير دعوة، ولا يبقى عزيزاً منيعاً بغير جهاد.
جهاد لتأمين العقيدة .. وتأمين الدعوة .. وحماية أهله من الفتنة .. وحماية شريعته من الفساد.
ومن ثم كان للشهداء في سبيل الله مقامهم، وكان لهم قربهم من ربهم كما قال سبحانه: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} [آل عمران: ١٦٩].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشهداء في سبيل الله: «أرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمِ اطِّلاعَةً، فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا