فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.
والرجل الشجاع يفتك بالعدو ويمزق صفوفه، فإن جرح فإنه لا يقوم له شيء فتراه بعدها هائجاً مقداماً كالأسد إذا جرح فإنه لا يطاق، ولا يقف له شيء.
أما الرجل الضعيف في إيمانه وبدنه فلا إقدام له، فإن جرح ولى هارباً والجراحات في أكتافه، فلا هو في الصف مستقيماً، ولا عند الجراحة صابراً، وذلك ما لا يحبه الله بل يبغضه ويسخطه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)} [الأنفال: ١٥، ١٦].
والمجاهد في سبيل الله له حالات:
فإما أن يقصد دفع العدو .. وذلك إذا كان المجاهد مطلوباً والعدو طالباً .. وقد يقصد الظفر بالعدو ابتداء إذا كان طالباً والعدو مطلوباً .. وقد يقصد كلا الأمرين.
والأقسام الثلاثة المؤمن مأمور فيها بالجهاد في سبيل الله.
وجهاد الدفع أشد وأصعب من جهاد الطلب، فإن جهاد الدفع يشبه دفع الصائل، ولهذا أبيح للمظلوم أن يدفع عن نفسه، لكن دفع الصائل على الدين جهاد وقربة، ودفع الصائل على النفس والمال مباح ورخصة، فإن قتل فيه فهو شهيد.
فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعم وجوباً، ولهذا يتعين على كل أحد فلا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعاً وعقلاً.
وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، وأما الجهاد الذي يكون فيه المسلم طالباً مطلوباً، فهذا يقصده خيار الناس لإعلاء كلمة الله ودينه، ويقصده أواسطهم للدفع ومحبة الظفر.
وقد بعث الله عزَّ وجلَّ رسوله بالهدى ودين الحق فدعا إلى الله، وأمره الله