سبحانه بجدال الكفار بالتي هي أحسن، وأمره أن يدعوهم بعد ظهور الحجة إلى المباهلة، وبهذا قام الدين، وإنما جعل السيف ناصراً للحجة.
وأعدل السيوف سيف ينصر حجج الله وبيناته، وهو سيف رسوله وأتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جدال الكفار على اختلاف مللهم إلى أن توفي، وأصحابه قاموا بذلك من بعده، وكل ذلك من أجل إعلاء كلمة الله كما قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)} [النحل: ١٢٥].
وقد أقام الله سبحانه سوق الجهاد في هذه الدار بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان، واشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، فيقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون، وأخبر أن ذلك وعد مؤكد عليه في أشرف كتبه وهي التوراة والإنجيل والقرآن كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١)} [التوبة: ١١١].
وقد وصف الله هؤلاء المجاهدين الذين اشتراهم بأحسن الصفات فقال: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢)} [التوبة: ١١٢].
ولم يسلط الله عزَّ وجلَّ هذا العدو وهو الشيطان على عبده المؤمن الذي هو أحب المخلوقات إليه إلا لأن الجهاد أحب شيء إليه، وأهله أرفع الخلق عنده درجات، وأقربهم إليه وسيلة.
والجهاد بذل الجهد في قتال الكفار، والدعوة إلى الدين الحق، ومجاهدة النفس والشيطان والفساق.