للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما رأى موسى القسوة والإعراض من فرعون وملئه دعا عليهم، وأمَّن هارون: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨)} [يونس: ٨٨].

فأجاب الله دعوتهما، وأمرهما بالاستقامة على الدين، والاستمرار في الدعوة كما قال سبحانه: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)} [يونس: ٨٩].

وإذا اجتمع في المؤمنين المجاهدين في سبيل الله سبع صفات، حصل لهم النصر، وإن قلوا وكثر عدوهم، وهذه الصفات هي:

الثبات .. ذكر الله .. طاعة الله ورسوله .. عدم الاختلاف والتنازع .. الصبر .. التواضع .. الإخلاص .. دعوة الناس إلى سبيل الله، وإعلاء كلمة الله، كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)} [الأنفال: ٤٥ - ٤٧].

فهذه سبع صفات يحصل بها النصر، ومتى فُقدت أو فُقد بعضها زال من النصر بحسب ما نقص منها.

وإذا اجتمعت قَوَّى بعضها بعضاً، وصار لها أثر عظيم في النصر كما حصل في غزوة بدر وغيرها.

ولما اجتمعت هذه الصفات في الصحابة رضي الله عنهم لم تقم لهم أمة من الأمم، وفتحوا الدنيا، ودانت لهم البلاد والعباد.

ولما تفرقت فيمن بعدهم وضعفت، وضعف الإيمان، آل الأمر إلى ما آل من الذلة والهوان، فنسأله المغفرة، والله المستعان، وعليه التكلان.

فهذه عوامل النصر على الأعداء إلى يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>