وبمقدار التضحية للدين تكون نصرة الله، فلو كان لدينا ماء في مكان عال وفتحناه على الآخر، فإنه يملأ الخزان في ساعة، أما لو فتحناه قليلاً فيعبئ الخزان في يومين، فليس الخلل في حجم الخزان، إنما في مقدار الفتحة.
وهكذا ولله المثل الأعلى نصرة الله تنزل بمقدار التضحية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم ضحوا بخمسة أشياء:
ومع ذلك لم تنزل عليهم نصرة الله إلا بعد خمس عشرة سنة، ونحن الآن نضحي قليلاً ونطلب النصرة كالصحابة، بل نطلبها فوراً.
فإذا أردنا الخزان يمتلئ نزيد الفتحة قليلاً.
وهكذا إذا أردنا الإسلام ينتشر نضحي قليلاً بالنفس والمال والوقت، وإذا أردنا أعمال الرسول - صلى الله عليه وسلم - تظهر في العالم نضحي بكل ما نملك، وإذا أردنا الصفات والأخلاق العالية تنتشر نضحي كما ضحى الأنبياء والصحابة من أجل إعلاء كلمة الله:
عبادة بإخلاص .. ودعوة باللسان .. وجهاد بالسنان .. ورحمة وشفقة على الخلق .. واستغفار وبكاء .. وتضحية بالأنفس والأموال .. والأوقات والشهوات، والمناصب والديار .. مع الاستقامة على أوامر الله، والدعاء والبكاء.
وموسى - صلى الله عليه وسلم - لما رأى أحوال فرعون، وشدة بطشه وإسرافه، وشدة أذاه لبني إسرائيل، أمره الله أن يصلح نفسه ومن معه بامتثال أوامر الله، والاستقامة عليها، ثم تأتي النصرة من الله بعد ذلك، كما قال سبحانه: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)} [يونس: ٨٧].