للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام قوة جديدة تضاف إلى قوته، بهؤلاء المهتدين التائبين: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)} [التوبة: ١٤، ١٥].

والله جلَّ جلاله كتب النصر لأوليائه إذا توفرت فيهم شروط النصر، ولكن قد يبتلى أهل الحق، وينجو أهل الباطل، وقد تكون للباطل صولة تكون فتنة لقلوب المؤمنين، وهزة لمعرفة مقدار إيمانهم.

وقد وقع بالفعل في غزوة أُحد، حتى قال المسلمون: أنى هذا؟ .. أي فما وجه هذا؟ فقال سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦)} [آل عمران: ١٦٥، ١٦٦].

إن ذهاب الباطل ناجياً في معركة من المعارك .. وبقاءه منتفشاً فترة من الزمان .. ليس معناه أن الله تاركه .. أو أنه من القوة بحيث لا يغلب .. أو بحيث يضر الحق ضرراً باقياً قاضياً.

وإن ذهاب الحق مبتلى في معركة من المعارك .. وبقاءه ضعيف الحول فترة من الزمان .. ليس معناه أن الله مجافيه أو ناسيه .. أو أنه متروك للباطل يقتله ويرديه .. كلا.

إنما هي حكمة وتدبير من العزيز الحكيم، يملي للباطل ليمضي إلى نهاية الطريق، وليرتكب أبشع الآثام، وليحمل أثقل الأوزار، ولينال أشد العذاب باستحقاق.

ويبتلى الحق ليميز الخبيث من الطيب، ويعظم الأجر لمن يمضي مع الابتلاء ويثبت .. وينقي الصف من المنافقين المندسين.

وهؤلاء الكفار كان الإيمان في متناول أيديهم، وكان مبذولاً لهم فباعوه واشتروا به الكفر على علم وعن بينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>