كما أنها حقيقة تفزع قلب العبد الكافر وتخيفه سواء كان المؤمن أمامه في حالة ضعف أم في حالة قوة، فليس المؤمن هو الذي ينازله ويحاربه، إنما هو الله الذي يتولى المعركة بقوته وجبروته.
فما هذا البائس المتعوس، وما هذه الهباءة المنثورة أمام قدرة الله وجبروته؟.
إن الله يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم، فهو في الفخ الرهيب المفزع المخيف، ولو كان في أوج قوته وعدته، فهذه القوة هي ذاتها الفخ، وهذه العدة هي ذاتها المصيدة: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥)} [القلم: ٤٤، ٤٥].
أما متى يكون النصر؟ .. ومتى تتوفر أسبابه؟ .. فذلك في علم الله المكنون.
فعلينا الدعاء، وعلى الله الإجابة .. وعلينا الجهاد، وعلى الله النصر .. وعلينا العمل، وعلى الله الأجر .. وعلينا الدعوة، وعلى الله الهداية.
وأمام هذه الحقيقة يوجهنا الله إلى الصبر والتقوى، الصبر على الدعوة، والصبر على الجهاد، والصبر على أوامر الله، والصبر على أقدار الله، والصبر عن معاصي الله، والصبر على التواءات النفوس، والصبر على الأذى والتكذيب .. والصبر على السخرية والاستهزاء.
الصبر في هذا كله حتى يحكم الله في الوقت المقدر كما يريد، فيحصل للمؤمنين الفوز والفلاح: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} [آل عمران: ٢٠٠].
وقد وعد الله المؤمنين إذا نصروا الله بالقيام بدينه والدعوة إليه وجهاد أعدائه أن ينصرهم على عدوهم ويثبت أقدامهم كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (٨) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٧ - ٩].