للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - .. وفعلوا ما أمروا به من الأسباب .. جاءتهم نصرة الله الغيبية.

فالصحابة رضي الله عنهم في بدر نصرهم الله مع أنهم قلة أذلة، لا أسباب معهم تذكر؛ لأن قلوبهم متوجهة إلى الله بكمال الإيمان والتقوى.

وفي حنين مع كثرتهم هزمهم الله وسلط عليهم الأعداء؛ لأن قلوب بعضهم متوجهة إلى الأسباب حين أُعجبوا بكثرتهم .. ففي بدر اتباع كامل للدين، فجاء النصر كاملاً، وفي حنين اتباع ناقص، وبسببه ارتفعت النصرة، ثم جاء الاتباع، ثم جاء النصر كاملاً.

كما قال سبحانه: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦)} [التوبة: ٢٥، ٢٦].

والنصر له أسباب .. والهزيمة لها أسباب .. والعزة لها أسباب .. والذلة لها أسباب .. والنجاة لها أسباب .. والهلاك له أسباب.

فالنصر الكامل .. والعزة الكاملة .. والنجاة الكاملة .. تكون بالإيمان الكامل .. والاتباع الكامل .. والتضحية الكاملة كما قال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [الحج: ٤٠، ٤١].

ومدار ذلك كله على الصبر واليقين.

والصبر منصور أبداً، فإن كان صاحبه محقاً كان منصوراً له العاقبة، وإن كان مبطلاً لم يكن له عاقبة.

وإذا قام العبد في الحق لله، ولكن قام بنفسه وقوته ولم يقم بالله مستعيناً به متوكلاً عليه مفوضاً إليه، بريئاً من الحول والقوة إلا به، فله من الخذلان وضعف

<<  <  ج: ص:  >  >>