فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وعلمه البيان، وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وهي نعم لا تعد ولا تحصى، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وفضله على كثير من خلقه، وأسكنه الأرض: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠)} [الإسراء: ٧٠].
لم يخلق الله الإنسان عبثاً وسدى .. لا أمر ولا نهي .. يعيش كيف شاء .. ويفعل كل ما يشاء .. كلا بل عليه واجبات .. وله حقوق .. وأمامه حساب وعقاب وثواب: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} [المؤمنون: ١١٥].
فما هي واجباته؟ .. وما هي وظيفته؟ .. وما المطلوب منه؟.
لقد خلق الله الإنسان لعبادته وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} [الذاريات: ٥٦ - ٥٨].
وخلقه ليكون خليفة في الأرض ينفذ أوامر الله حسب مرضاته كما قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)} [الأنعام: ١٦٥].
وشأن الخلفاء أن يعمروا الأرض لا أن يخربوها .. وأن يصلحوها لا أن يفسدوها .. وأن يجعلوها وسيلة للبناء وفعل الخير، لا سبباً للفساد والبغي كما قال سبحانه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ