ولولي الأمر مع الرعية ثلاثة أحوال:
فإنه لا بدَّ له من حق عليهم يلزمهم القيام به، ومن أمر يأمرهم به .. ولا بدَّ من تفريط وعدوان يقع منهم في حقه.
فأمر أن يأخذ من الحق الذي له عليهم ما سمحت به نفوسهم وسهل عليهم بذله، وهو العفو الذي لا يلحقهم ببذله ضرر ولا مشقة.
وأمر أن يأمرهم بالعرف، وهو المعروف الذي تعرفه العقول السليمة، وتقر بحسنه ونفعه من أمور الدين والدنيا.
وأمر أن يقابل جهل الجاهلين منهم بالإعراض عنه دون أن يقابله بمثله، فبذلك يكتفى شرهم.
قال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)} [الأعراف: ١٩٩، ٢٠٠].
والشياطين على نوعين:
نوع يُرى عياناً وهو شيطان الإنس .. ونوع لا يُرى وهو شيطان الجن.
ولهذا أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يكتفى من شر شيطان الإنس بالإعراض عنه، والعفو والدفع بالتي هي أحسن، وأن يكتفى من شر شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه، كما قال سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)} [فصلت: ٣٤، ٣٦].
والله سبحانه يهب الإمامة لمن يستحقها بالإيمان والعمل الصالح، وليست وراثة أصلاب وأنساب، ودعوى القرابة والدم والجنس والقوم.
إنْ هي إلا دعوى الجاهلية إذا كانت عارية من الإيمان الذي يحقق الأمن والعدالة والرحمة في جميع الأمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute