وكل ظالم سواء ظلم نفسه بالشرك، أو ظلم الناس بالبغي فهو ممنوع من الإمامة، والإمامة الممنوعة على الظالمين تشمل كل معاني الإمامة:
إمامة الرسالة .. وإمامة الخلافة .. وإمامة الصلاة .. وإمامة الاقتداء .. وإمامة الدعوة والتوجيه .. وإمامة العلم والعمل.
وقد أبعد الله اليهود ونحاهم عن القيادة والإمامة لما ظلموا وفسقوا، وانحرفوا عن منهج الله.
فلما نبذوا شريعة الله وأقصوها عن الحياة أقصاهم الله وطردهم ولعنهم، وأبعدهم عن الإمامة والقيادة: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)} [البقرة: ١٢٤].
والمُلك يُطغي ويُبطر من لا يقدرون نعمة الله، ولا يدركون مصدر الإنعام، ومن ثم يضعون الكفر موضع الشكر، ويضلون عن السبب الذي كان ينبغي أن يكونوا به مهتدين كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨)} [البقرة: ٢٥٨].
فكان ينبغي لهذا الملك أن يعترف بالله، ويشكر نعمة الله، ويؤمن بربه الذي جعل في يده السلطان، ولكنه ركب هواه وتعنت وأنكر وطغى بسبب أن آتاه الله الملك، فبسبب النعمة والعطاء جاء الجدل والمراء، وادعى العبد لنفسه ما هو من اختصاص الرب.
والله عزَّ وجلَّ أكرم هذه الأمة بهذا الدين العظيم، ورفع حياة الجاهلية البهيمية إلى الحياة الإنسانية الكريمة، ونقلها من مواطن الذل والهوان إلى مدارج العز والعلياء.
هذا التكريم جاءهم هدية ومنَّة من لدن ربهم الكريم، والذي هم أفاضوه على البشرية بعد ذلك: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو