وعليهم ألا يعجلوا، فهم لا يطلعون الغيب، ولا يعلمون الخير.
وإن الأرض كلها لله، وما فرعون وقومه وغيرهم إلا نزلاء فيها، والله يورثها من يشاء من عباده، وفق سنته وحكمته، كما قال الله سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)} [آل عمران: ٢٦].
فلا يظن المؤمن أن الطاغوت مكين في الأرض غير مزحزح عنها، فصاحب الأرض ومالكها هو الذي يقرر متى يطردهم عنها.
والعاقبة لا ريب للمتقين، طال الزمن أم قصر، فلا يخالج قلوب الداعين إلى رب العالمين قلق على المصير، ولا يخايل لهم تقلب الذين كفروا في البلاد فيحسبون أنهم باقون: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)} [آل عمران: ١٩٦، ١٩٧].
والخلافة في الأرض عبادة كغيرها من الأعمال، ولها أحكام وأوامر، يبتلي الله بها من شاء من عباده، لينظر كيف يعملون؟.
هل يؤدون حقها؟ .. ويقيمون أوامرها .. أم يتسلطون بها على العباد؟.
كما قال موسى - صلى الله عليه وسلم - لقومه: {قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩)} [الأعراف: ١٢٩].
وسنة الله تبارك وتعالى تجري وفق وعده للصابرين وللجاحدين، فله سبحانه سنة في إهلاك الطاغوت وأهله .. وله سنة في استخلاف المؤمنين الصابرين المستعينين بالله وحده، ويدفع هذا إلى هذا لتجري بهم سنة الله إلى ما يريد.
ولا بدَّ من الابتلاء والاختبار قبل الاستخلاف في الأرض، وهو ضروري لكل من يحملون دعوة الله، ويؤهلون لأمانة الخلافة في الأرض.
وقد كان اختبار الإرادة والاستعلاء على الإغراء هو أول اختبار وُجِّه من قَبْل إلى آدم وزوجه فلم يصمدا له، واستمعا لإغراء الشيطان لهما بشجرة الخلد وملك لا يبلى، ثم تابا وتاب الله عليهما.