فالأول: حكم إسلامي، وهو الحكم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
والثاني: حكم جاهلي، وهو ما خالف ذلك.
قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة: ٥٠].
وليست الجاهلية فترة محددة من الزمان والمكان انتهت، إنما هي كل مجتمع يحكم فيه بغير ما أنزل الله فهو مجتمع جاهلي مهما أوتي من قوة مادية، ومن كشوفات علمية باهرة.
ولا بدَّ للمسلمين من خليفة يقوم برعاية شئون المسلمين في الدين والدنيا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولتولية الخلافة شرعاً طريقان:
الأول: الاختيار، فالأمة مسؤولة عن اختيار من تنيبه عنها، وتسلِّم له زمام الإذعان والطاعة، وحيث أن الأمة متفرقة في الأصقاع والأمصار، مختلفة العقول والصفات، مما يصعب معه تمييز الصالح من الطالح، لذا تكون المسئولية في هذا المجال على عقلاء الأمة وعلمائها وفضلائها من أهل الحل والعقد، فهم الذين يختارون من يرونه أهلاً للقيام بهذا الواجب الشرعي الذي أوجبه الله عليهم، وهو إقامة شرع الله في أرضه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع المعمورة.
وبهذه الطريقة تم اختيار الصحابة لأبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وهذا الطريق هو الأصل لاختيار الخليفة في الشريعة الإسلامية.
وأهل الحل والعقد: هم فئة من الناس على درجة عالية من الدين والخلق والعلم بأحوال الناس، وحسن تدبير الأمور، ويسمَّون أهل الاختيار، وأهل الشورى، وأهل الرأي والتدبير.
وهذه الفئة تقوم باختيار الإمام نيابة عن الأمة جميعاً، فمن رأوه صالحاً بايعوه على كتاب الله وسنة رسوله، ولزوم طاعته في غير معصية الله.