للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: طريق العهد والاستخلاف.

فإذا أحس الخليفة بقرب أجله، وأراد أن يستخلف على الناس أحدهم شاور أهل الحل والعقد فيمن يختار، فإذا وقع رأيه على شخص معين يصلح للخلافة من بعده، ووافقه أهل الحل والعقد، فإنه يعهد إليه من بعده كما هَمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعهد لأبي بكر - رضي الله عنه - ثم تركه؛ لعلمه أن الناس لن يختاروا غير أبي بكر - رضي الله عنه -.

وكما عهد أبو بكر - رضي الله عنه - بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وعهد عمر - رضي الله عنه - بالأمر من بعده للستة الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض، فيختاروا واحداً منهم، وذلك كله بعد مشاورات مع كبار المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم.

ولا بدَّ في المعهود له أن يكون مستكملاً لشروط الإمامة، ولا تنعقد له الخلافة بمجرد العهد من الإمام السابق، بل لا بدَّ من البيعة للمعهود له من قِبَل أهل الحل والعقد كما فعل الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم.

والخلافة والإمامة للرجال دون النساء؛ لأن الولايات يحتاج فيها إلى الدخول في محافل الرجال وهذا محظور على النساء، ولأنه يحتاج فيها إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، والنساء ناقصات عقل ودين، لذلك لما قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن كسرى خلفته ابنته قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً» أخرجه البخاري (١).

ولذلك لم يول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من خلفائه ولا من بعده من الخلفاء امرأة ولاية بلد ولا قضاء قط، صيانة للمرأة من السوء والفتن.

ولا ينبغي للمسلم طلب الإمارة أو الحرص عليها.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عبدَ الرّحمنِ بنَ سَمرةَ، لا تسْأل الإِمارةَ، فإنْ أُعطيتَها عَن مسْألةٍ وُكلتَ إليهَا، وإنْ أُعطيتَها عَنْ غيِر مسْألةٍ أُعنتَ علَيها» متفق عليه (٢).

وعلى خليفة المسلمين أن لا يولي هذا الأمر أحداً سأله أو حرص عليه.


(١) أخرجه البخاري برقم (٤٤٢٥).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧١٤٧)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>