للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق يغلب على الباطل بأربعة أشياء ذكرها الله في قصة موسى - صلى الله عليه وسلم - مع فرعون:

الأول: التضحية بالنفس، ففرعون يريد قتل موسى، وموسى ضحى بنفسه من أجل الدين فلم يبال به وبملكه.

الثاني: التضحية بالزوجة والأولاد والأموال، فذهب موسى إلى فرعون وتركهم من أجل إعلاء كلمة الله.

الثالث: أن يجعل العبد حياته لله كما قال سبحانه: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١)} [طه: ٤١].

فليس له همّ إلا الدعوة إلى الله سبحانه.

الرابع: امتثال أوامر الله فوراً، كما قال سبحانه: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤)} [طه: ٢٤].

فذهب إلى فرعون مباشرة ودعاه إلى الله، فلما أبى واستكبر خذله الله بين حاشيته .. وأمام الناس يوم الزينة .. وفي البحر أمام المؤمنين غرقاً: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠)} [الذاريات: ٣٨ - ٤٠].

والله تبارك وتعالى خلق مخلوقاته كلها بسبب الحق، ولأجل الحق كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٩)} [الدخان: ٣٨،٣٩].

والحق هو الحكم والغايات التي لأجلها خلق ذلك كله، وهو أنواع كثيرة:

منها: أن يعرف الله بأسمائه وصفاته، وأفعاله وآياته.

ومنها: أن يُّحَب ويُعبد، ويُذكر ويُشكر، ويُطاع فلا يُعصى.

ومنها: أن يأمر وينهى، ويشرع الشرائع، ويدبر الأمر، ويتصرف في ملكه بما يشاء.

ومنها: أن يثيب ويعاقب، فيجازي المحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء بإساءته،

<<  <  ج: ص:  >  >>