للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيظهر أثر عدله وفضله لعباده، فيُّحمد على ذلك ويُشكر.

ومنها: أن يعلم خلقه أنه لا إله لغيره، ولا رب سواه.

ومنها: ظهور آثار أسمائه وصفاته على تنوعها وكثرتها جلية في مخلوقاته.

ومنها: أنه سبحانه يحب أن يجود وينعم، ويعفو ويغفر، ويسامح ويصفح، ولا بد من لوازم ذلك عقلاً وشرعاً.

ومنها: أنه يحب أن يثنى عليه، ويُمدح ويُمجَّد، ويُسبَّح ويُعظَّم، وغير ذلك من الحكم التي تضمنها الخلق.

وما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو أكمل ما جاءت به شريعة، وأمر أن يقبل من الناس ظواهرهم، ولم يؤمر أن ينقب عن قلوبهم.

بل تجري عليهم أحكام الله في الدنيا إذا دخلوا في دينه، وتجري عليهم أحكامه في الآخرة على قلوبهم ونياتهم.

فأحكام الدنيا تجري على الإسلام .. وأحكام الآخرة على الإيمان.

ولهذا قبل الله عزَّ وجلَّ إسلام الأعراب، ونفى عنهم أن يكونوا مؤمنين كما قال سبحانه: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} [الحجرات: ١٤،١٥].

وقَبِل إسلام المنافقين ظاهراً، وأخبرهم أنه لا ينفعهم يوم القيامة شيئاً، وأنهم في الدرك الأسفل من النار كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)} [النساء: ١٤٥].

فأحكام الرب عزَّ وجلَّ في الدنيا جارية على ما يظهر للعباد، ويوم القيامة يجري الحساب على ما في البواطن والقلوب.

وكل من عُرض عليه الحق فرده ولم يقبله عوقب بفساد قلبه وعقله ورأيه كما قال سبحانه: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٥)} [الصف: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>