لغل الصدور، وتهيئة الفرصة لمن يريد أن ينهض بما فوق العدل الواجب عليه، ليداوي جرحاً، أو يكسب فضلاً.
والإحسان شعب واسعة:
فكل عمل طيب إحسان .. وكل كلمة طيبة إحسان .. وكل بذل وإكرام إحسان.
والأمر بالإحسان يشمل كل عمل .. وكل تعامل .. فيشمل محيط الحياة كلها في علاقات العبد بربه في العبادات .. وفي علاقات العبد بأسرته بحسن المعاشرات .. وفي علاقات العبد بغيره بحسن المعاملات .. وفي علاقات العبد بالبشرية جمعاء بحسن الأخلاق: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)} [النساء: ١٢٥].
وفي المقابل ينهى الله عزَّ وجلَّ عن الظلم بكل صوره وألوانه، فينهى عن الفحشاء: وهي كل أمر يفحش ويتجاوز الحد، خاصة فاحشة الاعتداء على العرض؛ لأنه فعلٌ فاحش فيه اعتداء، وفيه تجاوز للحد.
وينهى عن المنكر: وهو كل فعل تنكره الفطرة السليمة، ومن ثم تنكره الشريعة، فهي شريعة الفطرة.
وينهى عن البغي: وهو الظلم وتجاوز الحق والعدل في كل شيء.
وكل أمة إنما تسعد بالعدل والإحسان، وتشقى بالظلم والفحشاء والمنكر والبغي، وما من مجتمع يمكن أن يقوم على الفحشاء والمنكر والبغي.
والفطرة البشرية تنتفض بعد فترة معينة ضد هذه العوامل الهدامة مهما تبلغ قوتها، ومهما يستخدم الطغاة من الوسائل لحمايتها.
وتاريخ البشرية كله انتفاضات ضد الفحشاء والمنكر والبغي، وهذه عناصر غريبة على جسم الحياة، تنتفض لها الفطرة السليمة كما ينتفض الحي ضد أي جسم غريب يدخل إليه.
إن قضاء الله لا يرد، ومشيئته لا معقب لها: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤)} [الشورى: ٤٤].