وينهى كذلك عن المنكر، وهو كل ذنب ومعصية تتعلق بحق الله تعالى.
وينهى عن البغي، وهو كل عدوان على الخلق في الدماء والأموال والأعراض ونحوها.
فهذه الآية جامعة لجميع المأمورات والمنهيات ولم يبق شيء إلا دخل فيها، فكل مسألة مشتملة على عدل، أو إحسان، أو إيتاء ذي القربى فهي مما أمر الله به، وكل مسألة مشتملة على فحشاء، أو منكر، أو بغي فهي مما نهى الله عنه.
وما جاءت به الشريعة من المأمورات والكفارات والعقوبات ونحوها فإنه يُفعل منه حسب الاستطاعة، فإذا لم يقدر المسلم على جهاد جميع المشركين فإنه يجاهد على من يقدر على جهادهم.
فالشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فالقليل من الخير خير من تركه، ودفع بعض الشر خير من تركه كله.
وقد أمر الله المؤمنين باتباع ما أنزل إليهم من ربهم كما قال سبحانه {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٥٥)} [الزمر: ٥٥].
فالقرآن هو أحسن الحديث وأعظمه وأكمله بالنسبة لغيره.
وأخباره وأوامره فيه الحَسًن والأحسن فالخبر عن الأبرار والمقربين يتضمن أن اتباع الصنفين حسن، واتباع المقربين أحسن.
والأمر يتضمن الأمر بالواجبات والمستحبات، والاقتصار على فعل الواجبات حسن، وفعل المستحبات معها أحسن.
والله سبحانه أمر بالعدل والإحسان، ولا ريب أن العدل حسن، والإحسان مع العدل أحسن.