فالقرآن شفاء لجميع المؤمنين، وإنما ينتفع به من آمن به وتلقاه بالقبول، واعتقد الشفاء به، وكمال التلقي له بالإيمان والإذعان، فهذا القرآن إن لم يتلق هذا التلقي لم يحصل به شفاء الصدور من أسقامها، بل لا يزيد الكفار والمنافقين إلا رجساً إلى رجسهم ومرضاً إلى مرضهم.
فطب النبوة لا يناسب إلا الأبدان الطيبة، كما أن شفاء القرآن لا يناسب إلا الأرواح الطيبة، وإعراض الناس عن طب النبوة كإعراضهم عن الاستشفاء بالقرآن الذي هو الشفاء النافع من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وليس ذلك لقصور في الدواء، ولكن لخبث الطبيعة، وفساد المحل، وعدم قبوله.
فالقرآن شفاء لجميع الخلق لكن المؤمنين انتفعوا به، والكفار أعرضوا عنه فزادت أسقامهم: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)} [يونس: ٥٧].
وإذا علمنا هذا فعلينا التوجه إلى الهادي الكافي الشافي الرازق في جميع حوائجنا، وتقديم الشكوى فقط للغني الذي له ما في السموات وما في الأرض، وقد تكفل سبحانه بإجابة الداعين، وإعطاء السائلين، والمغفرة للمستغفرين.